أين حرف الضاد من ماغنوم؟! - (فكري ثقافي)

أين حرف الضاد من ماغنوم؟!

أداء ضعيف لمستوى التمنية الثقافية في العالم العربي

عمر عبدالله

2010-11-21 14:18:20

أين حرف الضاد من ماغنوم؟!

عمر عبدالله


زرت مؤخرا معرض وكالة ماغنوم للتصوير الفوتوغرافي بعنوان: (في زماننا ... العالم عبر عدسات مصوري ماغنوم 1936-1987م)، و الذي أقيم ضمن فعاليات الدوحة عاصمة الثقافة العربية و يعرض حاليا في جاليري الحي الثقافي وذلك بتنظيم من هيئة متاحف قطر.

الصور الفوتوغرافية تستعرض الفترة الزمنية من 1936 حتى 1987 و التقطت بواسطة عدسات وكالة ماغنوم وهي توثق لأحداث تاريخية و للمحات إنسانية و وقائع و طرائف متنوعة خلال القرن الماضي من كل أنحاء العالم، كالحرب العالمية الثانية، و المظاهرات المعارضة للحرب في فيتنام، وجنازة الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر سنة 1970 وغيرها.

و رصدت صور ماغنوم عدة شخصيات مرموقة أثرت في تاريخ القرن الماضي كالملكة اليزابيث ملكة بريطانيا، والقائد الثوري الأرجنتيني أرنستو تشي غيفارا، والرئيس الفرنسي الأسبق الجنرال شارل ديجول و مارتن لوثر كينغ الحائز على جائزة نوبل للسلام. و تظهر الصور كذلك جمال الطبيعة من مناطق متعددة حول العالم كنهر الأمازون في أميركا الجنوبية وجبال الهيملايا في أقليم كشمير في الهند.

هذه الوكالة ضمت العديد من المصورين من جميع أنحاء العالم ، تمنيت أن أجد مصورا عربيا ضمن قائمة المصورين الطويلة لعل وعسى أن يكون مرآة لحضارة مهمة ، و لكن للأسف لم أجد أحدا، إلا أن حمدت الله كثيرا عندما قرأت اسم عباس بين جنبات المعرض وهو مصور إيراني له إسهامات جميلة في الوكالة.

الإضافة الإنسانية

يقول الأديب الراحل مصطفى صادق الرافعي إن لم تزد بالحياة شيئاً تكن أنت زائد عليها. معرض وكالة ماغنوم اختار أن يكون بعنوان في زماننا معبرين عن وقائع وأحداث عالمية للقرن الماضي و إذا أمعنا النظر من زاوية أشمل حول ما تشهده الثقافة العربية من ركود (في زماننا)، و حجم إضافتها الجديدة للمعرفة البشرية تجد أنها ضعيفة مع الاكتفاء بمقعد المشاهدة.

هذا الضعف يفهم عندما نقرأ المؤشرات والتقارير العربية والدولية الصادرة مؤخرا والتي توضح مدى الخلل الكبير الذي يعانيه العالم العربي في مجال التنمية العلمية والثقافية.

فقد أشار التقرير العربي للتنمية الثقافية 2010 والصادر قبل أيام من مؤسسة الفكر العربي إلى ضعف المواقع العربية في مجال نشر الثقافة العربية والتراث العربي، إلى ضعف مماثل في مواقع التعليم الالكتروني والمكتبات الرقمية والأدب والفلكلور وإلى ضعف آخر في محتوى مواقع البحث العلمي على شبكات الانترنت، و غياب واضح لمعظم الصيغ التفاعلية مع المواقع.

تقرير أخر صدر قبل أيام عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ( اليونسكو) يشير إلى ضعف مستوى الإنفاق على البحث العلمي والابتكارات في العالم العربي بشكل متدني في البلدان العربية، و دون المعدل المتوسط على المستوى العالمي و يتراوح هذا المعدل بين 0,1 %، و1,0 من الناتج المحلى الإجمالي.

وأشار التقرير أنه على الرغم من وجود جامعات مرموقة موجودة في المنطقة العربية وكان لها دور سابق في المجال الفكري والابتكارات العلمية، فإن الدول العربية جميعا تقدم أقل من 373 باحثا من بين كل مليون نسمة، في حين أن العدد المتوسط على المستوى العالمي يبلغ 1081 باحثا.

الجدير بالذكر أنه في عام 2006 أنتجت الدول العربية بأكملها أقل من 0,1 % من إجمالي براءات الاختراع المسجلة في المكتب الأمريكي لبراءات الاختراع والعلامات التجارية، وفى المكتبين الأوروبي والياباني لبراءات الاختراع.

أرقام تعطي دلالة واضحة و تدق ناقوس الخطر محذرة المنطقة من حالة انقراض معرفي.

زمام المبادرة

تعود قصة وكالة ماغنوم إلى مبادرة أربعة مصورين فوتوغرافيين، نجوا من الحرب العالمية الثانية واجتمعوا في أحد مقاهي باريس سنة 1945 وهم الأميركي الهنغاري الأصل روبرت كابا (1913 ـ 1954)، والفرنسي هنري كارتييه بريسون (1908 ـ 2004)، والأميركي من أصل بولندي ديفيد (شيم) سيمور (1911 ـ 1956)، والبريطاني جورج روجر (1908 ـ 1995 ) كان هدفهم إنشاء وكالة تصوير فوتوغرافي تتمتع باستقلالية في العمل و تتحرى الموضوعية في التغطية .

و كان عالم التصوير الوثائقي في ذلك الحين يعيش عصره الذهبي ومع التغيرات السريعة التي طرأت على عالم الصورة ودخول التلفزيون وتطور التكنولوجيا من خلال الانترنت والتصوير الرقمي وكاميرات الفيديو استطاعت ماغنوم التكيف والاستمرار حتى يومنا هذا فأنشأت أربع مكاتب لها في نيويورك ولندن وباريس وطوكيو و وصل عدد المصورين لديها إلى 70 مصورا منتشرين حول العالم.

نحتاج لمبادرات عديدة حتى نعود مرة أخرى إلى طريق التأثير والإضافة للحضارة الإنسانية و التعلم من تجربة وكالة ماغنوم كيف ساهمت هذه المبادرة في التأثير على مستوى الرأي العام العالمي.

مقارنة بحجم المبادرات السابقة في زمانهم، ترى كم نحتاج من عمل لتتغير الإحصاءات الضعيفة عن الثقافة العربية " في زماننا" ؟!